في خطوة وُصفت بأنها حل عملي لأزمة سكن امتدت لعقود، أقرّ مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة تعديلات جوهرية على القرار رقم (20) لسنة 2025، الخاص ببيع الأراضي السكنية المتجاوز عليها، وجاءت التعديلات لتلائم الواقع المعيشي للمواطنين، من خلال تسهيلات تشمل تقسيط بدل البيع على مدى 20 عاماً، وإلغاء شرط الاستفادة السابقة، وإطفاء مبالغ أجر المثل، ما يفتح الباب أمام آلاف العائلات لتثبيت ملكيتها قانونياً، وإنهاء سنوات من العشوائيات التي أثقلت كاهل المدن وشوّهت مظهرها الحضري.
الخدمات النيابية: القرار عالج مشكلة امتدت لأكثر من 20 عاماًوفي هذا الصدد، قال رئيس لجنة الخدمات النيابية علي الحميداوي لوكالة الأنباء العراقية إن "قرار مجلس الوزراء بمعالجة مشكلة تجاوز المواطنين على الأراضي التابعة إلى أمانة بغداد ووزارة البلديات على قدر كبير من الأهمية ويصب في مصلحة المواطن"، مشيراً إلى، أن "القرار صدر قبل عدة أشهر ولكن ظهرت حاجة لإجراء تعديلات تنسجم مع الحالة المعيشية للمواطن ومنها موضوع دفع إيجار بدل للفترة السابقة، وفترة التقسيط لغير الموظف التي نصت على استيفاء كامل المبلغ خلال خمس سنوات فقط على العكس من الموظف الذي يمكنه تقسيط المبلغ لمدة 20 عاما".
وبين، أن "مجلس الوزراء عالج مشكلة استمرت أكثر من 20 عاماً، وهذه التعديلات ستساعد المواطنين في إكمال إجراءات التمليك التي تأخر كثير منهم في المضي بها بسبب النص السابق للقرار الذي عدوه في حينها مجحفاً بحقهم".
بدورها، قالت عضو مجلس النواب حنان الفتلاوي في تدوينة لها على منصة (إكس)، تابعتها وكالة الأنباء العراقية إن "قضية المتجاوزين بقيت لسنوات كرة يتقاذفها السياسيون ويزايدون عليها وعندما تحاول الدولة إزالة تلك التجاوزات يعلو الصوت بأن هؤلاء الفقراء يجب احتواؤهم"، لافتة إلى، أن "اولئك الفقراء فرحون اليوم بقرار التمليك وتقسيط المبلغ أبضاً، غير أن الغرماء يملأون الأرض صياحاً ضد القرار، والمفارقة أنهم هم أنفسهم كانوا يطالبون بحل المشكلة وتمليك الناس".وختمت تدوينتها بالقول: إن "رضا الفقراء أهم من رضا الغرماء".
الإعمار: القرار سمح بتقسيط مبلغ العقار على مدة 20 سنةمن جانبه، قال مدير عام البلديات في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة خليل ابراهيم نور لوكالة الأنباء العراقية إن "القرار ينص على تمكين المتجاوزين الذين شيدوا وحدات سكنية على أراضٍ مملوكة للبلدية، داخل التصاميم الأساسية للمدن قبل تاريخ الـ 10 من كانون الأول عام 2024، من شراء هذه الوحدات بأسلوب قانوني استثنائي، وبدون الحاجة للمزايدة العلنية، استناداً إلى أحكام قانون بيع وإيجار أملاك الدولة رقم (21) لسنة 2013".
وأضاف، أنه "بموجب التعديل الأخير لقانون 20 يتوجب على المستفيدين تقديم طلب رسمي خلال مدة 180 يوماً، كما أتاح القرار لهم الاستفادة من مزايا عدة من بينها السماح بتقسيط بدل البيع لمدة 20 سنة من أجل تخفيف الأعباء المالية عن كواهلهم وتسهيل إتمام إجراءات تملك العقار، كما ضمن إلغاء شرط (الاستفادة السابقة) عند البيع وهذا يفتح المجال أمام مزيد من المواطنين للاستفادة من حق التملك".
من جهته، أوضح المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة نبيل الصفار لوكالة الأنباء العراقية أن "القرار شمل الأراضي التابعة للمؤسسات البلدية المخصصة للاستعمال السكني من أجل خلق أسس تتيح تشييد بنى تحتية تضمن توفير الخدمات الأساسية لتلك المناطق، وسيشمل كذلك الأراضي التي شيدت عليها وحدات سكنية عليها قبل زمن إصدار هذا القرار".
وأضاف، أن "شرط البيع والتمليك ينص على أن تكون الأراضي المتجاوز عليها تقع داخل حدود التصميم الأساس للمدن، وأن يقدم صاحب الوحدة السكنية حصراً طلباً لشراء الوحدة السكنية ولمرة واحدة فقط".
واستطرد قائلاً: إنه "سيتم تقدير بدلات البيع بموجب قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 21 لسنة 2013، من قبل لجان تشكلها المؤسسات البلدية بالاستعانة بدوائر التسجيل العقاري، بالإضافة إلى مختصين محاسبين من وزارة المالية لتقدير سعر الأرض وفق الأسعار السائدة في كل منطقة"، مشيراً إلى، أن "القرار ألغى شرط الاستفادة السابقة عند البيع للمستفيد وإطفاء مبلغ أجر المثل في حال المطالبة به باعتباره ديناً حكومياً؛ لأن العملية تمثل بيعاً للعقار وليس تخصيصاً له، وستتم عملية الدفع من خلال تقسيط كامل المبلغ لمدة عشرين عاماً".
خبير قانوني: خطوة لحل مشكلة السكنوتحدث الخبير القانوني علي التميمي لوكالة الأنباء العراقية أن "القرار يمثل نوعاً من الحل لمشكلة السكن في البلاد، يضاف إلى الفرص الاستثمارية وحملات البناء التي انتهجها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضمن الحلول الجاري العمل عليها للقضاء على أزمة السكن في البلاد".
وأضاف "أنا أعتبرها خطوة أولى لحل مشكلة السكن ومساعدة الفقراء، كما أنها تحقق أيضاً إيرادات للدولة عن طريق نظام التقسيط، والذي بدوره يخفف من الأعباء الملقاة على كاهل المواطن".
ولفت إلى، أن "هذا القرار يعد إيجابياً بدرجة كبيرة ويحسب لرئيس الوزراء أنه أسهم بحل إشكالية السكن في العراق، خصوصاً بالنسبة للأراضي السكنية المفروزة أصولياً والمملوكة للبلديات المتجاوز عليها، والتي شيدت عليها دور سكنية قبل الـ 10 من كانون الأول عام 2024"، موضحاً، أن "أهمية هذا القرار تكمن في تقسيطه لبدل البيع لمدة 20 سنة للعقارات، ويدخل هذا الأمر ضمن سياق قانون بيع وإيجار أموال الدولة، حيث ستتشكل لجان تُقدّر مبلغ البيع؛ من أجل تقسيطه على المواطنين".
تعديل قرار 20 يشمل أيضاً، والكلام هنا للتميمي "إلغاء أجر المثل، وهو المبلغ الذي يُقدر على أنه أجر عادل لشخص أو لخدمة، بناءً على ما يماثلها في السوق أو في العرف، ومعنى ذلك أنه تخضع هذه الحالة الجديدة التي أقرها رئيس مجلس الوزراء إلى عدم الاعتماد على أجر المثل، وإنما ستكون هناك لجان تقسيط وتبسيط وتسهيل البيع وفقاً للحالة ووفقاً للظروف من قبل هذه اللجان، ووفقا لقانون بيع وإيجار أموال الدولة".
وبين، أن "القرار ألغى شرط الاستفادة السابقة، ويعني هذا الأمر أن المواطن يحق له التملك حتى لو كان قد حصل على شراء سابق من الدولة أو قد استفاد مسبقاً عن طريق البيع والإيجار من أموال الدولة، ويحمل هذا القرار جوانب إيجابية كثيرة بالنسبة للمتجاوزين الذين بنوا العقارات ضمن الأراضي السكنية المملوكة للدولة أو للبلديات".ولفت التميمي إلى، أن "طريقة البيع وفق القانون رقم 21 لعام 2013 تنص على تشكيل لجان، تسمى الأولى لجنة الفتح: وتعنى بتحديد أو فتح الكشف على الأراضي أو البيوت، ثم بعد ذلك تأتي لجنة التقدير وتعنى بتقدير الأسعار، حيث تقوم بإجراء الكشف وتحديد الأسعار، وهناك أيضاً لجنة فتح العطاءات والتحليل".
وكان مجلس الوزراء قد صوت على تعديل قراره رقم (20 لسنة 2025)، الخاص ببيع الأراضي السكنية المملوكة للبلديات، إلى المتجاوزين عليها ممن شيدوا دوراً سكنية قبل تاريخ الـ 10 من كانون الأول عام 2024، وتضمن التعديل تقسيط بدل البيع لمدة (20) سنة، للعقارات المشمولة بهذا القرار ضمن الأراضي السكنية المملوكة للبلدية، والمفروزة أصولياً، مع إلغاء شرط الاستفادة السابقة عند البيع للمستفيد من القرار، فضلاً عن إطفاء مبلغ أجر المثل في حال المطالبة به باعتباره ديناً حكومياً.