14 Jul
14Jul

أعلنت الرئاسة الفرنسية، في خطوة غير مسبوقة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والثقافية، عزمها إعارة نسيج بايو الشهير إلى العاصمة البريطانية لندن عام 2026، تنفيذًا لوعد قطعه الرئيس إيمانويل ماكرون قبل سنوات.
هذه القطعة الفنية النادرة، التي توثّق لحظة مفصلية في التاريخ الأوروبي – غزو وليام الفاتح لإنجلترا – لم تُغادر الأراضي الفرنسية منذ أكثر من 9 قرون.
وبينما تُروّج الحكومة للقرار بوصفه بادرة دبلوماسية تعكس "شراكة ثقافية استثنائية"، يتصاعد القلق في أوساط الخبراء وأمناء التراث.

مخاطر جسيمةقالت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" إن التحفة النسيجية العائدة إلى القرن الحادي عشر، حظيت بإشادة من الدولة الفرنسية، لكنها، في المقابل، أثارت موجة انتقادات حادة من جانب الخبراء الذين يحذّرون من المخاطر الجسيمة التي تهدد هذا الكنز الهش.
وكان الرئيس ماكرون قد وعد رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، بهذه الخطوة في العام 2018، ليؤكد تنفيذها، رسميًا، خلال زيارته إلى المملكة المتحدة في 8 يوليو/تموز الجاري.
ووفقًا لماكرون، فإن النسيج، الذي يُعدّ لوحة نسيجية ضخمة توثّق غزو ويليام الفاتح لإنجلترا، سيُعرض في لندن، من سبتمبر/أيلول 2026 وحتى يونيو 2027، تزامنًا مع أعمال ترميم المتحف النورماندي الذي يحتضنه حاليًا.
وفي منشور على منصة "إكس"، وصف ماكرون الخطوة بأنها "شراكة ثقافية غير مسبوقة"، مضيفًا: "سنعير بريطانيا جوهرة رمزية من تاريخنا المشترك (...) إنها المرة الأولى التي يغادر فيها هذا الكنز أرضنا".

ترحيب وانتقاداتوقد رحّب بالقرار رئيس منطقة نورماندي، هيرفيه موران، معتبرًا المبادرة فرصة لتعزيز الروابط الثقافية بين البلدين؛ ولكن، في المقابل، أثارت الخطوة استياءً واسعًا في أوساط المتخصصين في التراث.
ووصف مؤسس منصة "La Tribune de l’Art"، فديدييه ريكينر، القرار بأنه "كارثي على مستوى حماية التراث"، مشيرًا إلى أنه صدر بشكل انفرادي من قِبل الرئيس "ضد رأي أمناء المتحف والمُرمّمين".

ونقل ريكينر عبر موقعه تصريحات الخبيرة في ترميم النسيج، بياتريس جيرو، التي شاركت في عمليات الترميم خلال ثمانينيات القرن الماضي، والتي عبّرت عن قلقها قائلة: "في كل مرة يتم فيها تحريك النسيج، نخسر جزءًا من مادته، وبالتالي من صلابته، سواء تعلّق الأمر بكتان القماش الأساس أو صوف التطريز".
وأضافت جيرو أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام مطالب دولية أخرى بإعارة النسيج، ما قد يُعرّضه لخطر متزايد يصعب تداركه مستقبلًا.

عمل نادر واستثنائييُشار إلى أن نسيج بايو (La Tapisserie de Bayeux) هو عمل فني نادر واستثنائي بطول يقارب 70 مترًا، رُسم بالخيط والصوف على قماش من الكتان، ويُعتقد أنه صُنع في نهاية القرن الحادي عشر، على الأرجح، في إنجلترا، بتكليف من الأسقف أودو، شقيق ويليام الفاتح.
ويُوثّق النسيج، عبر مشاهد متتالية أقرب إلى القصص المصوّرة، تفاصيل معركة هاستينغز، العام 1066، التي غزا فيها دوق نورماندي ويليام إنجلترا وتُوّج ملكًا.
ويُعدّ النسيج مصدرًا بصريًا فريدًا لفهم الحياة العسكرية والسياسية واللباس والعادات في أوروبا خلال العصور الوسطى.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة