حدد حزب الله 3 شروط لنزع سلاحه وتسليمه للسلطات اللبنانية، تمثل مطالب كان الحزب نفسه يرفضها سابقا، ما يعكس أثر المتغيرات الأخيرة على موقف الحزب.وتتضمن هذه الشروط أولا: الخروج الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية وترسيم الحدود مع تل أبيب، وثانيا: تأمين الحدود مع سوريا بشكل كامل من جانب الجيش اللبناني، وثالثا: ضرورة نزع سلاح المخيمات الفلسطينية تحديدا في بيروت والجنوب.
وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون قد حذر، مؤخرا، خلال كلمته بمناسبة مرور 50 عاما على اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، من أن أي سلاح خارج إطار الدولة يعرض مصلحة لبنان إلى الخطر، وذلك على وقع الجدل المرتبط بنزع سلاح حزب الله، المدعوم من إيران.ويأتي ذلك، في الوقت الذي قال فيه حزب الله، مؤخرا، إنه مستعد للدخول في محادثات مع الحكومة اللبنانية بشأن استراتيجية وطنية للدفاع.كما يتزامن ذلك مع جدل كبير يدور في الأوساط السياسية والشعبية اللبنانية حول جدية تسليم حزب الله سلاحه لمؤسسات الدولة.
ضوء أخضر
المحلل السياسي اللبناني قاسم يوسف، ذكر أنه للمرة الأولى على الأقل منذ عام 2005، تطرح مسألة نزع سلاح حزب الله بشكل جدي.وأشار إلى معلومات دقيقة تحدثت بشكل مباشر عن أن الحزب أعطى الضوء الأخضر لرئيس الجمهورية وكل من يعنيهم الأمر في القنوات الدبلوماسية والسياسية وغيرها خلف الكواليس، بأنه مستعد لتسليم سلاحه.
وأكد يوسف" أن هذا الموقف نقله أيضا رئيس مجلس النواب نبيه بري ولكن هناك بعض الشروط حول ذلك.
3 شروط
وبيّن أن هناك 3 شروط يريد حزب الله تأمينها وأخذ ضمانات بخصوصها قبل الشروع بأي تسليم حقيقي لسلاحه، يأتي في المقدمة، الخروج الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية بما فيها النقاط الخمس المحتلة حتى اللحظة، وترسيم الحدود مع تل أبيب مع حصول بيروت على ضمانات دولية بعدم خرق السيادة اللبنانية من إسرائيل سواء عبر ضربات جوية أو استهداف أي مراكز في لبنان بعد تسليم السلاح.وأفاد يوسف بأن الشرط الثاني هو تأمين الحدود مع سوريا بشكل كامل من الجيش اللبناني وترسيمها، لافتا إلى هذا مطلب تاريخي لـ"السياديين" في لبنان وقوى 14 آذار.أما الشرط الثالث، وفق يوسف، فهو نزع سلاح المخيمات الفلسطينية تحديدا في بيروت والجنوب، والتي يرى حزب الله فيها خطرا استراتيجيا عليه، باعتبار أن هذه المخيمات مدججة بالمقاتلين والسلاح في ظل وجودها في مناطقه وبيئته الحاضنة، وهو ما يصنفه على أنه سلاح يقع في يد طائفة أخرى، لذلك لا يريد أن يكون ذلك تهديدا له في حال نزع سلاحه.
وللمفارقة، بحسب يوسف، فإن هذه الشروط نوقشت في طاولة الحوار عام 2006، ومنع تنفيذها حزب الله نفسه، حيث كان ضد نزع سلاح المخيمات الفلسطينية تحت ما كان يرفعه من شعارات تتعلق بتحرير القدس وفلسطين.كما كان الحزب يرفض ترسيم الحدود مع سوريا وضبطها ومنع التهريب عبرها، على عكس ما يريده حاليا، وهو ذاته الذي كان يمنع الترسيم البري للحدود مع إسرائيل وحسم مسألة مزارع شبعا، بحسب تأكيد يوسف.ويعتقد يوسف أن حزب الله بدأ يتحدث بلغة مختلفة تماما عن أسلوب "العنتريات"، ليذهب الآن إلى نبرة متزنة تقول إنه مستعد ويرغب في تسليم سلاحه ولكن هناك بعض الشروط.
الحاضنة الشعبية
ويرى المحلل السياسي اللبناني سامر عراوي، أن حزب الله بات على استعداد على عدة مستويات سياسية وعسكرية للذهاب بشكل جاد للتفاوض حول تسليم سلاحه ولكنه على الأقل يريد أن يقدم له ما يحمي حاضنته الشعبية وما لا يجعلها بعد أن يسلم هذا السلاح في مرمى المواجهة.وأضاف عراوي، أن شخصية رئيس الجمهورية وتاريخه العسكري وبحثه عن كل ما يصب في سيادة لبنان، فرضت وتيرة سريعة على طريق حصر السلاح على الأراضي اللبنانية في يد الدولة فقط وأن ينجز هذا الملف الذي تراكمت ضغوطه لاسيما من الولايات المتحدة.
وأرجع عراوي ذلك لعدة اعتبارات في صدارتها وضع آليات تمنع إسرائيل أمام المجتمع الدولي من استغلال أي ذريعة للقيام بأي عدوان على لبنان بسبب سلاح حزب الله.وفي الوقت نفسه، قال عراوي إن لبنان يريد أن يتحرك المجتمع الدولي، لاسيما الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية، بتقديم كافة المساعدات العسكرية والمالية التي تعيد الجيش اللبناني إلى قوته للحفاظ على حدود البلاد وسيادتها وبسط نفوذه لمنع وجود أي سلاح أو تنظيم خارج عن الدولة ويهدد المكونات السياسية والمجتمعية بالداخل ويعيد ما جاء بمعطيات عرّضت لبنان لأكثر من حرب من الخارج عبر إسرائيل أو معارك في الداخل.