سعى الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ، خلال لقائهما في موسكو إلى رسم مسار لتوثيق الشراكة بين بلديهما، مع الحفاظ على مرونة بكين بعلاقاتها مع الغرب. وتفاوتت آراء الخبراء حول تأثير هذه الزيارة على دفع العلاقات بين البلدين نحو "تحالف استراتيجي" كامل، في سياق الشراكة.وعلى هامش الاحتفالات بذكرى "يوم النصر" الروسي، وقع الزعيمان بيانًا مشتركًا لتعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد، تضمن تعاونًا في مجالات الاستقرار الاستراتيجي العالمي والاقتصاد الرقمي وحماية الاستثمار، والطاقة، لا سيما مشروع "قوة سيبيريا 2" لزيادة صادرات الغاز الروسي إلى الصين.
وخلال لقائهما أكدا عزمهما على التصدي لـ "النازية الجديدة" ورفض العقوبات أحادية الجانب التي تتجاوز نطاق الأمم المتحدة.وأكد البيان المشترك أن الحركة الأمريكية نحو توسيع الناتو في منطقة آسيا - المحيط الهادئ تشكل تهديدًا للسلام الإقليمي.ووفقًا لصحيفة "الغارديان"، يجري الرئيس الروسي زيارة للصين في وقت لاحق من 2025 لإحياء ذكرى هزيمة اليابان في الحرب العالمية.
شراكة اقتصادية وأيديولوجية
ورأى رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أن "العلاقات الروسية الصينية لا ترقى إلى مستوى التحالف الكامل، وإنما تصنف كشراكة استراتيجية ذات طابع اقتصادي وأيديولوجي".
وأضاف أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد يطلب مقابل رفع العقوبات عن روسيا تقليص العلاقات الروسية الصينية، وهو ما يثير قلق بكين في ظل الحرب التجارية المستمرة مع واشنطن".واعتبر أن "تحسن العلاقات الروسية الأمريكية يمنح موسكو موقعًا تفاوضيًا أقوى أمام الصين".ولفت القليوبي، إلى أن "بكين لا يمكن أن تضحي بعلاقاتها مع الغرب، في ظل طموحها لقيادة الاقتصاد العالمي، وهو ما تدركه موسكو جيدًا، ما يجعل العلاقة بين الطرفين معقدة ومتشابكة".
"تحالف استراتيجي"
من ناحيته، قال المحلل السياسي والخبير في الشأن الروسي محمود الأفندي، إن "اللقاء يعكس تحالفًا استراتيجيًا بين البلدين في مواجهة ما تُسميه موسكو بالنازية الجديدة".وأضاف الأفندي لـ "إرم نيوز"، أن "إعلان موسكو عن مشاركة قوات من كوريا الشمالية في العمليات العسكرية بمقاطعة كورسك التي استُعيدت من القوات الأوكرانية، يُعد مؤشرًا قويًا على بدء تأسيس تحالف عسكري بين روسيا وكوريا الشمالية والصين، عبر اتفاقيات شراكة استراتيجية".
ورأى أنه "تم الإعلان رسميًا عن هذا التحالف بين موسكو وبكين خلال اليومين الماضيين، وأن زيارة الرئيس الصيني إلى روسيا تزامنت مع احتفالات عيد النصر وحملت رسائل واضحة إلى واشنطن والدول الغربية بأن التحالف بين الطرفين لن يتأثر بأي صفقة محتملة في أوكرانيا".وشدد الخبير الروسي، على أن "حجم التبادل التجاري بين موسكو وبكين بلغ نحو 245 مليار دولار، ما يعكس قوة العلاقات الاقتصادية إلى جانب التعاون العسكري، خاصة وأن روسيا لم تعد تثق في الغرب، ولن يتم التعويل عليه في أي اتفاقيات مستقبلية".