رغم اتفاق ائتلاف إدارة الدولة على اعتماد القانون الانتخابي الحالي في الانتخابات المقبلة، إلا أن المدافعين عن خيار التعديل لم يضعوا أقلامهم بعد، خصوصا مع دخول حلبجة على خط المعادلة السياسية، أن تحويلها إلى المحافظة الـ19، الأمر الذي عد من قبل مراقبين، بأنه سيكون “بوابة للتعديل”.إلا أن نوابا أكدوا، أن اعتماد حلبجة كدائرة انتخابية يتطلب أولا حسم حدودها الإدارية من قبل حكومة إقليم كردستان، وهو إجراء لم ينجز بعد، ما يعني أن الحديث عن تعديل القانون سابق لأوانه، مرجحين أن يتم ترحيل هذا الأمر للدورة الانتخابية اللاحقة.
وفي هذا الصدد، يقول عضو اللجنة القانونية النيابية، أوميد محمد، خلال حديث ”، إن “تنفيذ قانون تحويل حلبجة إلى محافظة ما يزال معلقا بسبب عدم نشره في جريدة الوقائع العراقية”.ويضيف محمد، أن “إدخال المدينة ضمن الخطة الانتخابية كمحافظة مستقلة يتطلب أيضا إجراءات أخرى، أبرزها تحديد البقعة الجغرافية والإدارية للمحافظة، وهو أمر يرتبط بصلاحيات مجلس وزراء إقليم كردستان”.
ويتابع أن “القانون منح مجلس الوزراء في الإقليم صلاحية تحديد الحدود الجغرافية والإدارية لحلبجة كمحافظة، وهذا الاجتماع لم يعقد بعد، ما يعني أن القانون فعليا لم ينفذ حتى الآن”، مشيرا إلى أن “تنفيذ هذه الإجراءات ستؤجل إلى ما بعد الانتخابات، ما يعني بقاء الوضع الحالي قائما”.وخلال انتخابات 2021 بلغ عدد الذين يحق لهم التصويت في حلبجة نحو 76 ألف ناخب، بينهم 48 ألفا في مركز القضاء، و28 ألفا موزعين على مناطق بيارة وخورمال وسيروان، وفق إحصائيات محلية.
وكان البرلمان صوت في 14 نيسان أبريل الحالي، على تحويل حلجبة إلى محافظة، بعد جدل استمر لسنوات، الأمر الذي دفع نواب من الوسط والجنوب للمطالبة بتحويل بعض الأقضية ذات خصوصية معينة، إلى محافظات أيضا.بدوره، أوضح الخبير في الشأن الانتخابي، دريد توفيق، خلال حديث ”، أن “قانون الانتخابات الحالي قسم عدد المقاعد على المحافظات بناء على قاعدة دستورية تنص على أن لكل 100 ألف مواطن نائب في مجلس النواب، لكن هذا النص جرى تجميده منذ عام 2014 بموجب قرار صادر عن المحكمة الاتحادية”.ويتابع أنه “في حال إمضاء قانون محافظة حلبجة بشكل نهائي، فإن ذلك يتطلب إعادة توزيع المقاعد على جميع المحافظات، ما يستوجب تعديل قانون الانتخابات، لكن إجراء تعديل في الوقت الحاضر يبدو صعبا، بسبب بدء تشكيل معظم التحالفات السياسية استنادا إلى الصيغة الحالية للقانون”.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، علقت على متطلبات اعتماد حلبجة كدائرة انتخابية مستقلة في الانتخابات النيابية المقبلة، وذلك عقب تصويت مجلس النواب على استحداثها كمحافظة، حيث أكدت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، في تصريح للوكالة الرسمية، أن اعتماد حلبجة كدائرة انتخابية يجب أن يترجم من خلال تعديل القانون الانتخابي، وتحديد عدد مقاعد هذه المحافظة الجديدة، لكن هذا الإجراء لا يزال سابقا لأوانه، إذ يتطلب أولا مصادقة رئيس الجمهورية على القانون، ثم نشره في الجريدة الرسمية، يلي ذلك صدور مرسوم جمهوري باستحداث المحافظة وتحديد حدودها الإدارية.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
وأثار تعديل قانون الانتخابات، جدلا بين قوى الإطار التنسيقي، حيث طالب به ائتلاف دولة القانون فيما رفضته القوى الأخرى، وما يزال بعض النواب يدعون لتعديله، رغم اقترب موعد الانتخابات.ومن المفترض أن تجرى الانتخابات التشريعية العراقية، في 11 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل على أن تبدأ الدعاية الانتخابية قبلها بفترة وجيزة.من جهته، يرى المحلل السياسي، علي الحبيب، خلال حديثأن “تحويل حلبجة إلى المحافظة يفتح الباب أمام تعديل القانون الانتخابي، باعتبار أن استبعادها أو إبقاء الوضع الحالي سيمثل حرمانًا للسكان من التمثيل المستحق، وهو ما يتنافى مع مبدأ العدالة الانتخابية”.ويؤكد أن “المطالبات السياسية بتعديل القانون بدأت تتصاعد، خصوصا من بعض الكتل الكبيرة مثل ائتلاف دولة القانون، التي تسعى للاستفادة من قانون حلبجة لتمرير رؤيتها الخاصة بالقانون الانتخابي”.
ويشير إلى أن “توقيت هذا النقاش حول تعديل قانون الانتخابات غير مثالي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، ومقاطعة التيار الصدري، ما يقلل من فرص الوصول إلى توافق سياسي شامل، ويهدد بتحويل الأمر إلى أزمة سياسية أكبر إذا لم يعالج بحذر وضمن إطار تقني محدود يراعي المستجدات دون الإخلال بالتوازن السياسي”.وتقع مدينة حلبجة عند سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد على الحدود الإيرانية العراقية، يحدها من الغرب نهر سيروان، ومن الشمال الشرقي سلاسل هورامان وشنروه، ومن الجنوب سلسلة بالامبو.ووقعت المجزرة الشهيرة فيها في 16 آذار مارس 1988، عندما قصف نظام صدام حسين المدينة بالأسلحة الكيمياوية، ما أسفر عن مقتل أكثر من خمسة آلاف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة آلاف آخرين بجروح خطيرة، ما يزال العديد منهم يعانون من تبعاتها الصحية حتى اليوم.