تواجه الحكومة العراقية عاما صعبا في 2025، وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية التي تنعكس مباشرة على أوضاعه، والصراعات الداخلية المتوالية واحدة تلو الأخرى، فما إن أعلنت الحكومة العراقية موعدَ انعقاد القمّة العربية ببغداد في 17 آيار مايو المقبل، حتى صار محورها دعوة أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي في سوريا، لتأتي قضية الحدود في المياه الإقليمية بين العراق والكويت المتمثل باتفاقية خور عبد الله، لتزيد من حجم الصراع الداخلي في البلاد.
وفي هذا الإطار، كشف النائب علاء الحيدري، اليوم الأربعاء، عن تقديم الكويت رشاوى لأطراف عراقية تصل إلى 600 مليار دولار لتمرير اتفاقية خور عبد الله، مؤكدا أن إصرار رئيس الوزراء محمد السوداني حول حضور الرئيس السوري أحمد الشرع إلى بغداد يعود إلى الضغوط الأمريكية والخليجية.
وقال الحيدري في حوار مع الزميلة زينب الغانم، ”، إنه “بعد صدور القرار 105 للمحكمة الإتحادية عام 2023 بإيقاف العمل فيما يتعلق باتفاقية خور عبد الله الموقعة عام 2013، الكثير من النواب الكويتيين امتعضوا من القرار وخرجو بتصريحات منددة والبعض هدد بإحتلال العراق، إلا أن النائب في مجلس الأمة عبد الكريم الكندري قال في حينها نحن دفعنا 600 مليار دولار لتمرير خور عبد الله”،مؤكدا أن “هذه المبالغ هي رشى لأطراف عراقية مقابل التوقيع على الاتفاقية”.
وحول ما يجري في الساحة السياسية والانتقادات لرئيس الوزراء محمد السوداني، أوضح أن “السوداني خرج من عباءة الإطار ولكن لازال موجود من ضمن الإطار”، مبينا أن “هناك جملة من من مكونات الإطار رفضت دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية”.
وتابع أن “إصرار الحكومة وإصرار السوداني على ذلك يشير إلى أن هناك ضغطا امريكيا ودبلوماسيا عالي المستوى من قبل دول الخليج وتركيا”.عضو مجلس النواب علاء الحيدري، اليوم الثلاثاء، أنه قدم دعوى قضائية لدى الادعاء العام العراقي ضد الرئيس السوري الجديد احمد الشرع.وكان الحيدري قد قدم، أمس الثلاثاء، شكوى لدى مجلس القضاء بحق الرئيس السوري أحمد الشرع، وذلك لأخذ الحق الشخصي لشقيقه (الشهيد عماد الحيدري)، وكذلك نجل (الشهيد ابو تحسين الصالحي) لمشاركتهما بمعارك التحرير والدفاع عن الوطن والمقدمات.
يأتي هذا في وقت تسلم فيه الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، يوم الأحد 27 نيسان أبريل الجاري، دعوة رسمية من العراق لحضور فعاليات القمة العربية المقرر انعقادها الشهر المقبل في العاصمة بغداد.يشار إلى أن السوداني، كشف مؤخرا، في ملتقى السليمانية، عن توجيه دعوة رسمية للشرع لحضور القمة العربية في بغداد، وأكد نصا “مرحب به في بغداد”، وذلك بعد الجدل حول دعوته طيلة الأشهر الماضية، الأمر الذي فجر موجة رفض عارمة بدأت من البرلمان وصولا إلى القيادات والأحزاب السياسية.
واستمر السجال في العراق حول مشاركة الشرع في القمة العربية المقرر إجراؤها في 17 من أيار مايو المقبل بالعاصمة بغداد، وسط تحشيد إطاري لمنع استقبال الشرع في بغداد، فبعد جمع تواقيع برلمانية لمنع حضور الشرع للقمة، كشفت النائب ابتسام الهلالي، عن تحركات داخل مجلس النواب لجمع تواقيع تهدف إلى استضافة رئيس مجلس الوزراء خلال جلسة البرلمان المقبلة، وذلك على خلفية دعوته للشرع لحضور القمة العربية.وكشف المحلل السياسي والمقرب من الإطار التنسيقي حيدر البرزنجي، في 23 نيسان أبريل الجاري، عن معاتبة الإطار لرئيس الوزراء محمد السوداني لعدم إبلاغهم بزيارة الدوحة ولقاء اللرئيس السوري أحمد الشرع.
ويشهد الإطار التنسيقي، خلال الفترة الماضية، خلافات واضحة بشأن مسألة توجيه دعوة إلى رئيس النظام السوري أحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية المرتقبة في العاصمة بغداد، يأتي ذلك بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد والتي من المتوقع أن تشكل محطة أساسية في بلورة توازنات المنطقة خلال المرحلة القادمة، فيما تبقى مسألة دعوة الشرع رهينة التوازنات السياسية الحساسة حيث يرى بعض الأطراف في هذه الخطوة فرصة لبناء تفاهمات إقليمية في حين يعتبرها آخرون مغامرة دبلوماسية قد تجر البلاد إلى مزيد من التعقيد.وأعلن حزب الدعوة الإسلامية، في 20 نيسان أبريل الجاري ، رفضه “غير المباشر” لزيارة الشرع، الى بغداد للمشاركة في القمة العربية، مشددا على ضرورة التأكد من خلو السجل القضائي العراقي والدولي من كونه مطلوبا، فيما لوح الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، بالقبض على الشرع فور وصوله إلى بغداد.
وحول اتفاقية خور عبد الله، فقد بدأت القصة، في أيلول 2023، أصدرت المحكمة الاتحادية بالعراق قرارًا يقضي بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، التي تم توقيعها بين العراق والكويت عام 2012 وصادق عليها البرلمان العراقي في 2013.واستندت المحكمة في حكمها إلى أن التصديق على الاتفاقية لم يحصل على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب، كما تنص المادة 61 من الدستور العراقي.الا ان هذا القرار أثار استياءً واسعًا في الكويت، حيث اعتبرته الحكومة الكويتية “ادعاءات تاريخية باطلة”.وسلمت الكويت مذكرة احتجاج رسمية للسفير العراقي لديها، معربة عن رفضها القاطع للحكم ومطالبة بغداد باتخاذ خطوات لمعالجة تداعياته.
ووصف وزير الخارجية الكويتي، الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، الحكم بأنه يحتوي على “مغالطات تاريخية”، مؤكدًا أن بلاده تتوقع من الحكومة العراقية اتخاذ “إجراءات ملموسة وحاسمة وعاجلة” لمعالجة هذا الأمر.فيما أكدت الحكومة العراقية التزامها بالاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشددة على أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين العراق والكويت وفق السياقات الدستورية والقانونية.
إلا أنه، في 15 نيسان أبريل الجاري، قدم كل من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد طعنًا بقرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية، وجاء هذا الطعن في إطار سعي الحكومة العراقية للحفاظ على العلاقات الثنائية مع الكويت وتجنب أي توترات قد تنجم عن هذا القرار القضائي، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في العراق، وسط اتهامات لرئيس الوزراء محمد السوداني بالتدخل لعرقلة تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله المبرمة مع الجانب الكويتي، وذلك استناداً إلى ما قالوا إنها وثيقة بحوزتهم.فيما أعلن النواب عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس الوزراء إلى الادعاء العام، على خلفية ما وصفوه بمخالفة قانونية لقرار صادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وتعتبر مسائل ترسيم الحدود بين الكويت والعراق من مسائل مصيرية عبر التاريخ بالنسبة لكلا الطرفين، نظراً لما اكتنفها من تطورات تاريخية نالت طابع الشد والجذب، وساهمت فيها التجاذبات التي سادت علاقات البلدين الجارين، ووصلت هذه التجاذبات لذروتها في آب أغسطس 1990 بالغزو العراقي للكويت، واستمرار آثاره من القضايا الثنائية العالقة حتى اليوم.وكان القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف، أكد في حينها أن “اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت تشوبها مخالفات قانونية ودستورية جسيمة”، مشدداً على أن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية سليم بنسبة 100% ولا يمكن الطعن فيه، باعتباره قراراً باتاً وملزماً للجميع”.