مع تصاعد تكرار الدعوات من قبل المرجعية الدينية في النجف، وزعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، ومنظمات وأحزاب مدنية، حول ضرورة حصر السلاح المنفلت بيد الدولة، في ظل طلب أمريكي بنزعه من جهة، وإصرار الفصائل على التمسك به من جهة أخرى، تحت ذريعة أن سلاحها وبقاءها يعدان الضامن لأمن العراق من المخاطر الأمريكية والإسرائيلية.المحلل السياسي، المقرب من الإطار، حسين الكناني، أكد أن الحراك من أجل حصر السلاح بيد الدولة، يعود لرغبة أمريكية لتهيئة الأرضية من أجل إزاحة الإطار التنسيقي الحاكم من السلطة، مبينا أن 70% من الإطار مع إبقاء السلاح.
وقال الكناني في حوار مع الزميل سامر جواد، تابعته “العالم الجديد”، اليوم الثلاثاء، إن “سلاح الفصائل جاء نتيجة رد فعل عن وجود المحتل”، مضيفا “من الممكن رفع الفصائل من القائمة السوداء الأمريكية، ولكن مقابل التنازل عن ثلث أرباع الأنبار، حيث قد يتم فيها إسكان الفلسطينيين المهجرين، مثلما حصل بسوريا عندما تنازلوا عن الجولان واعترفت بهم أمريكا وإسرائيل ورفعتهم من قوائم الإرهاب”.وتابع، أن “الحديث المتصاعد حول نزع سلاح الفصائل وحصره بيد الدولة، جاء لتهيئة الأرضية لإزاحة الإطار من السلطة، ولو كانوا أذكياء لاحتفظوا بالسلاح إلى قطع النفس”، لافتا إلى أن “هناك تباينا بين قادة الإطار حول نزع السلاح، لكون أن بعضهم مؤمن بالدولة و اللادولة والحياة الوردية، والبعض الآخر مؤمن بقضية السلاح، لكنه يرى عدم قدرة البلاد على مواجهة أمريكيا، فتجد هناك مماطلة بهذا الشأن لمعرفتهم بخطورة ذلك، لذلك أغلبهم يمتلك فصائل مسلحة”.
وأكد الكناني، أن “70 من قادة الإطار مع إبقاء السلاح بيد الفصائل”، مشيرا إلى أن “نزع السلاح ليست رغبة وطنية وإنما أمريكية”.وشدد، أن “الفصائل هي العمود الفقري للحشد الشعبي، وأن تمويل الفصائل في العراق أصبح ذاتيا”.
وكانت الفصائل المسلحة العراقية، أعلنت في 5 تموز يونيو الجاري، أنها لن تتخلى عن السلاح، واصفتا إياه بأنه “خيار استراتيجي لا مساومة عليه”، كما قالت إن “سلاحنا باقٍ حتى زوال التبعية”.جاء ذلك، بعدما جدّد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الجمعة الماضية (4 تموز يونيو الجاري) ، تأكيده على مقاطعة الانتخابات المقبلة، مطالبا بحل الميليشيات ونزع السلاح واقتصاره على قوات الجيش والشرطة.
واستغل المتحدث الأمني لكتائب حزب الله العراقي، أبو علي العسكري، مراسم زيارة عاشوراء في كربلاء، لشن هجوم لاذع على دعوات نزع سلاح الفصائل، حيث قال في تدوينة عبر منصة “إكس”، إن “نعيق المتخاذلين ينساق إلى صيحات الإجرام الصهيوأميركي للتخلي عن سلاح المقاومة في المنطقة، ومنه سلاح المقاومة في العراق الذي حمى الدولة والمقدّسات حينما انهزم الجمع، وكادت بغداد تسقط”، مضيفا “ليسمع العالم ومَن به صمم أن سلاح المقامة هو وديعة الإمام المهدي عند المجاهدين لحماية العراق ومقدّساته وقرار التخلي عنه لا يكون إلا بيدِ الإمام”.وعقب تدوينة العسكري، نشر الأمين العام لكتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي تدوينة مماثلة يقول فيها: إن “إلقاء السلاح في مواقف الكرامة لن ينتج عنه، فيما بعد، إلا الذل والهوان والحسرة والندم”.
جاء ذلك بعد نحو أسبوع من كلام واضح لممثل المرجعية الدينية العليا، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، شدد فيه على “ضرورة تصحيح المسار وتدارُك ما فات” في إشارةٍ للأوضاع السياسية العامة في البلاد، مع توجيهه دعوة واضحة إلى “حصر السلاح بيدِ الدولة ومكافحة الفساد ومنع التدخلات الخارجية بمختلف أشكالها”.
وكان رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، قال في تصريحات نشرتها الرئاسة، مؤخرا، إن سياسة الحكومة واضحة في أن يكون السلاح بيد الدولة عبر القوات الأمنية الرسمية بمختلف تشكيلاتها.وكانت طائرات مسيرة استهدفت، فجر الثلاثاء (24 حزيران يونيو الماضي)، عدة مواقع وقواعد عسكرية عراقية، مما تسبب بأضرار كبيرة لأنظمة الرادارات في عدة قواعد، دون وقوع قتلى أو مصابين.وكان المحلل السياسي، والمقرب من الإطار والفصائل المسلحة، عباس العرداوي، قد ألمح ، إلى أن استهداف رادار معسكر التاجي كان من قبل بعض الفصائل، لمساعدته بالحرب ضد إيران مع إسرائيل، الأمر الذي أدى الى اعتقاله بتهمة التحريض والإساءة والتشهير بالمؤسسة الأمنية والإضرار بالأمن القومي، فيما لاتزال الحكومة ملتزمة الصمت حيال ما جرى حيث لم يتم الكشف عن الجهة التي تسببت بذلك حتى الآن (وقت كتابة الخبر).
ويثير تصاعد هذا النوع من الهجمات تساؤلات حول قدرة الدولة على تأمين منشآتها الحيوية، خاصة في ظل تكرار الاستهدافات وفشل منظومة الدفاع الجوي في التصدي للطائرات المسيّرة منخفضة الارتفاع، ما يشير إلى وجود ثغرات جدّية في البنية الأمنية، بحسب مختصين.وتعتزم لجنة الأمن والدفاع النيابية، بالتزامن مع انتهاء العطلة التشريعية للبرلمان، عقد اجتماع الأسبوع المقبل، لمناقشة الخروق الأمنية المتكررة، حيث تبنت لجنة الأمن البرلمانية متابعة الملف، مؤكدة أنها تهدف خلال الاستضافة إلى الوقوف على تفاصيل الانتهاكات المتكررة، وتقييم الإجراءات الرسمية المتخذة لمنع تكرارها مستقبلاً، بما يعزز من مكانة العراق السيادية في المحافل الدولية ويؤكد حقه المشروع في الدفاع عن أرضه وأجوائه.ويجري ذلك في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بتطوير منظومة الدفاع الجوي، وسط انتقادات للحكومة واتهامات لها بإهمال الملف، وهو ما أثر على عدم قدرة البلاد على حماية الأجواء من الخروقات.يذكر أن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أكد في شباط فبراير الماضي، أن حكومته تعمل على دمج الفصائل ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية، مشيرا إلى عزم حكومته بناء عراق جديد يستند إلى إرثه الحضاري العربي.