تتزايد التكهنات في العراق حول مستقبل الفصائل المسلحة بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وتصاعد الدعوات لضرورة تسليم السلاح أو الاندماج مع القوات الأمنية، خاصة بعد حديث المرجعية الدينية الأخير عن ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وعقب الاتهامات التي تدور حول تورط الفصائل باستهداف الرادارات في العراق.
وتباينت أراء مختصين في الشأن السياسي، حول كيفية وآلية تسليم الفصائل للسلاح، وتحليل خطاب المرجعية في النجف.
وقال الباحث السياسي، نزار حيدر، في حوار مع الزميل سامر جواد،، اليوم السبت، إن “ممثل المرجعية يقصد من خطابه أن العاقل من يتجنب مجيء الصراع إلى العراق، حيث هناك خطاب باللغة الفارسية يقول العدو ويقصد به (أمريكا وإسرائيل والمجتمع الدولي) أنه يريد أن يرهبنا بالحديث عن الحرب، ومن ثم يؤكد اطمئنوا لا توجد حرب على إيران ولن نتفاوض، لكن للأسف الشديد أن الاثنين قد حدثا”.
وأضاف، أن “خطاب معتمد المرجعية، إذا أخذنا جميع المتغيرات، وانتبهنا إلى عملية الخداع الاستراتيجي الذي تعرض له محور المقاومة، علينا أن نتعلم حتى لا نخدع أو تستدرج أقدامنا بهذه الأزمة. الخطاب يقول: على العراقيين أن يبنوا بلدهم ويأخذوا بنظر الاعتبار مصالح بلدهم ودول المنطقة”.
وخلال الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، تحولت الأجواء العراقية إلى ممر لعبور الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى، ثم جاء القصف الأخير الذي استهدف منظومات الرادار العراقية، ليضيف بعدا جديدا للمخاوف، ليس فقط هشاشة الدفاعات الجوية، بل إمكانية استغلال هذا الضعف في تصفية حسابات داخلية أو إقليمية.إلى ذلك، قال الناشط السياسي القريب من الفصائل، عماد المسافر، إنه “لا أحد يختلف حول أن يكون العراق دولة محصور بيدها السلاح”، مبينا أن “قضية الفساد أهم وأعمق من حصر السلاح، لكونه يطال كل مؤسسات الدولة”.
وتابع “لكن كيف تسلم الفصائل السلاح للدولة، وأجواؤنا مخترقة والدولة لا تعرف من الذي قصف راداراتها؟”، مؤكدا “نحن مع سيادة الدولة، ونشد على أيديهم، فإذا تعلم من الفاعل فلينال العقاب”.وأشار إلى أن “إمكانيات الدفاع الجوي العراقي لا يمكن تحميل مسؤوليتها على هذه الحكومة، وحتى الحكومات المتعاقبة”، مبينا أن “عدم سماح أمريكا للحكومة بتسليح العراق ليست الأساس بل هناك مشكلة داخلية، وهي أزمة الثقة بين القوى السياسية، وهذا ما حدث في 2006 عندما أراد المالكي شراء طائرات أف 16، الأكراد رفضوا ذلك”.
وحول اختراق الفصائل من قبل الكيان الصهيوني، قال، إنه “غير مستحيل، ولكن من الصعب حيث أن البيئة الشيعية عصية على الاختراق”.وكان ممثل المرجعية الدينية العليا في العراق، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، حذّر في كلمة له خلال مراسم استبدال رايتي العتبتين الحسينية والعباسية بمناسبة حلول شهر محرم، أمس الجمعةـ من خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة، بالتزامن مع حلول شهر محرم، مؤكدا أن العراق ليس بمنأى عن تداعيات الصراع الإقليمي المحتدم.
وقال الكربلائي في كلمته: “دخلنا شهر محرم وسط أحداث محزنة تشهدها منطقتنا، تمثل معركة بين جبهة الحق والعدالة من جهة، وجبهة الظلم والطغيان من جهة أخرى”، مضيفا أن “الظروف الحالية بالغة الخطورة، وتتطلب وعيا عاليا من أبناء الشعب العراقي”.
وشدّد ممثل المرجعية على أن “الشعب العراقي بحاجة إلى التسلح بالبصيرة والوعي، كي يتمكن من مواجهة التحديات”، داعيا إلى “بناء البلد على أسس صحيحة وصيانة المكتسبات الوطنية بكل قوة، وعدم التراجع عنها رغم الإخفاقات المتراكمة”.ودعا الكربلائي القائمين على إدارة شؤون البلاد إلى “تقوى الله ومراعاة مصلحة الشعب والوطن”، مطالبا بـ”تصحيح المسار وتدارك ما فات، مع ضرورة التصدي لكل أشكال التدخل الخارجي”.
أطلقت إسرائيل في 13 حزيران الجاري، حملة ضربات جوية غير مسبوقة على إيران، مستهدفة مواقع نووية وعلماء وكبار القادة العسكريين في محاولة منها لتعطيل الجهود النووية الإيرانية، فيما ردّت إيران بضربات مكثفة بالصواريخ والمسيرات.أما الولايات المتحدة الأمريكية، فقد ألقت، السبت الماضي، نحو 12 قنبلة ضخمة تزن 30 رطلا، على منشأة فوردو الشديدة التحصين، كما ضربت منشأتي نطنز وأصفهان، بعد أيام من الحرب والمواجهات المباشرة غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران، ليعلن ترمب وبشكل مفاجئ، يوم الثلاثاء الماضي، وقف إطلاق النار بين اسرائيل وايران.
وكانت طائرات مسيرة استهدفت، فجر الثلاثاء (24 حزيران يونيو الجاري)، عدة مواقع وقواعد عسكرية عراقية، مما تسبب بأضرار كبيرة لأنظمة الرادارات في عدة قواعد، دون وقوع قتلى أو مصابين.وكان المحلل السياسي، والمقرب من الإطار والفصائل المسلحة، عباس العرداوي، قد ألمح ، إلى أن استهداف رادار معسكر التاجي كان من قبل بعض الفصائل، لمساعدته بالحرب ضد إيران مع إسرائيل، الأمر الذي أدى الى اعتقاله بتهمة التحريض والإساءة والتشهير بالمؤسسة الأمنية والإضرار بالأمن القومي.
ولدى العراق اليوم منظومة دفاع جوي، توصف بأنها “مجزأة ومحدودة الفاعلية”، إذ يعتمد الجيش العراقي على مجموعة من المنظومات القصيرة والمتوسطة المدى، أبرزها منظومة Pantsir-S1 الروسية، المعروفة بقدرتها على اعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ منخفضة الارتفاع، ومدافع الشيلكا السوفيتية القديمة التي تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، وهي فعالة جزئيا ضد أهداف قريبة، لكن صلاحيتها محدودة في الحروب الحديثة.كما يمتلك العراق رادارات من طراز AN/TPS-77 الأميركية، وهي منظومة رصد جوية متنقلة متوسطة المدى، إضافة إلى رادارات Giraffe السويدية، التي تستخدم لرصد الطائرات على ارتفاعات منخفضة.
ورغم توفر هذه التجهيزات، إلا أن الخبراء يشيرون إلى غياب الربط الشبكي بين هذه الرادارات، ما يجعلها غير قادرة على تغطية المجال الجوي بشكل متكامل أو العمل ضمن غرفة عمليات موحدة.ويفتقر العراق إلى منظومة دفاع بعيدة المدى من طراز Patriot الأميركية أو S-300 الروسية، القادرة على التعامل مع تهديدات استراتيجية، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات النفاثة الحديثة، ما يجعل مجاله الجوي