19 Nov
19Nov

تقف المايسترا التونسية العالمية أمل القرمازي اليوم في طليعة القائدات الموسيقيات في العالم. 

امرأة أعادت رسم حدود الإبداع العربي ورفعت راية تونس في أكبر المسارح الدولية، مؤكدةً أن الموهبة حين تقترن بالعلم والرؤية تصبح قوة تتجاوز الجغرافيا وجسر عبور يوحّد الثقافات من حول العالم.

فبعد سلسلة من 12 حفلة مكتملة العدد خلال أقل من شهرين في فرنسا، إنكلترا، سويسرا، بلجيكا والكويت، واصلت المايسترا أمل القرمازي حضورها العالمي المدهش بحفلين مبهرين: الأوّل على مسرح Maisonneuve في مونتريال يوم 13 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، والثاني على مسرح symphony space في نيويورك في 16 منه، برفقة أوركسترا "مزيكا"، أوّل أوركسترا عربية بإنتاج عالمي. 

وقد شكّلت هاتان المحطاتان في أميركا الشمالية إضافة جديدة لمسيرة استثنائية جعلت اسم أمل القرمازي من أبرز الأسماء العربية في الساحة الموسيقية الدولية.

برنامج موسيقي غني من المحيط الى الخليج

تميّزت حفلات أميركا الشمالية ببرنامجٍ موسيقيّ متنوّع يبرز قدرة المايسترا أمل القرمازي على وصل التراث بالحداثة في قالبٍ أوركستراليٍّ رفيع. 

تفاعل الجمهور بحماسة مع توزيعات جديدة لأغنيات عربية محبوبة مثل "عزّ الحبايب"، "بنت الشلبية"، "سألوني الناس"، "بتونس بيك" و"نسّم علينا الهوى"؛ فيما صنعت أعمال من المغرب العربي منها "يا رايح"، "سيدي منصور" و"شْهيلة العياني" لحظات غناءٍ جماعيّ هزّت القاعة بحماسة لافتة. 

وتوالت المفاجآت مع "ألف ليلة وليلة" لـ"كوكب الشرق" أم كلثوم في صياغةٍ أوركسترالية أنيقة، قبل مِدْلِي آسِر على مقام الحجاز، ليقدّم الحفلان ريبرتوار عربياً غنياً "من المحيط إلى الخليج" بتوزيعٍ سمفونيّ يوازي أعلى المعايير الموسيقية الدولية. هذا التوليف الرشيق بين الطربي والشعبي، وبين الحديث والعالمي، كان ترجمة حيّة لرؤية المايسترا أمل القرمازي: موسيقى تتخطّى الحواجز وتصوغ جسراً وجدانياً يصل إلى كل الأذواق.

أمل القرمازي من تونس إلى أهم مسارح العالم

إنجازات القرمازي ليست وليدة المصادفة؛ فهي تحمل دكتوراه في الموسيقى وعِلم الموسيقى من جامعة السوربون، وقدّمت أبحاثاً مرجعية في الموسيقى العربية، ما ينعكس مقاربةً دقيقةً تجمع الحسّ الأكاديمي والعمق الجمالي. 

وهي تُعدّ من أوائل القائدات العربيات اللواتي قدن تشكيلات أوركسترالية على مسارح أوروبية مرموقة، وها هي تواصل اليوم ترسيخ صورة القائدة العربية في موقعٍ عالميّ متقدّم.

ورغم حضورها الواسع في أوروبا والشرق الأوسط، اقتصر نشاط أمل القرمازي في تونس خلال 2025 على حفلة واحدة فقط، نتيجة جدولٍ دوليّ تخطّى 30  حفلاً منذ مطلع العام؛ مع تأكيدها الدائم أن تونس تظلّ المنبع وبداية الحكاية.

فمنذ انضمامها إلى أوركسترا "مزيكا" كمديرة فنية، ساهمت أمل القرمازي في نقلة نوعية جعلت الأوركسترا ترتقي إلى مستوى عالمي، حيث شهدت الأوركسترا نقلة نوعية قادتها إلى أهم مسارح العالم مثل Casino de Paris، Le Trianon، Bataclan في باريس، Flagey في بروكسل، Alhambra في جنيف، وMegarama في الدار البيضاء، ومسرح الشيخ جابر الأحمد الثقافي في الكويت قبل أن تواصل حضورها في أميركا الشمالية.

رسالة تتجاوز الحدود

كما تعاونت "مزيكا" منذ تأسيسها عام 2017 على يد الموسيقي الدكتور شادي حاكمة، مع أكثر من 25 فناناً من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منهم رشا رزق، رامي عياش، مهدي عياشي، سليم عساف وغيرهم، وقدّمت عروضاً مبهرة، من خلال شراكات رفيعة وعروض منتقاة بعناية، حيث لم تكتفِ "مزيكا" بالحفاظ على الهوية الموسيقية العربية، بل ساهمت في إعادة رسم مكانتها على الخريطة العالمية كقوة فنية نابضة ومتجدّدة.

ومع نجاح أمسيتَي نيويورك ومونتريال، تُثبت جولة المايسترا أمل القرمازي مع أوركسترا "مزيكا" العالمية أنها ليست مجرد تتابع حفلاتٍ، بل هي تصوّر عربيٌّ حديث للموسيقى يقوم على الحوار بين التراث والابتكار، ويبلغ بأدواتٍ سمفونيةٍ رفيعة جمهوراً متنوعاً من دون أن يتنازل عن الهوية. 

فمع كل حركةٍ من عصا القيادة، يتكرّس حضور المشروع كإحدى أبرز التجارب الموسيقية العربية على الساحة الدولية اليوم.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة