يمثل عرض العراقي "سعيد أفندي" في الدولي المقام حالياً، حدثاً غير تقليدي لفيلم أُنتح قبل 70 عاماً بمعدات فنية بسيطة، لكنه لا يزال يجذب انتباه السينمائيين.
وعاد الفيلم للضوء أول مرة عندما شمله مشروع عراقي سينمائي يقوم على ترميم أكثر من مئة فيلم محلي لتصبح متوفرة بتقنية K4"" أو "فور كي"، وكان "سعيد أفندي" من أوائل الأفلام التي خضعت للترميم في الفترة القليلة الماضية.
واختير الفيلم بعد ترميمه للمشاركة بمهرجان "كان" لتوفر عنصر الجودة الفنية فيه، بجانب مكانته بين أفلام السينما العراقية القديمة.
كما يشارك الفيلم في قسم "كلاسيكيات كانّ"، حيث يشكل "سعيدة أفندي" أحد أشهر كلاسيكيات السينما العراقية منذ إنتاجه وعرضه عام 1956 في العراق وخارجه.
وبجانب توفر العناصر الفنية للعرض، اختير "سعيد أفندي" للمشاركة في المهرجان بسبب تميزه كعمل سينمائي يعد وثيقة بصرية حقيقية عن الحياة في بغداد خلال حقبة الخمسينيات من القرن الماضي.
فقد صوره مخرجه الراحل كاميران حسني، في منازل وشوارع وأزقة بغداد من دون الاستعانة بديكورات تذكر أو اللجوء للتصوير في استوديو لم يكن متوفراً أصلاً في بغداد في تلك الحقبة.
وبجانب قصة الفيلم التي تدور بين عائلتين متجاورتين، يصور الفيلم الحياة الاجتماعية والاقتصادية في بغداد في تلك الحقبة، تاركاً وثيقة تاريخية حقيقية، أضفت على العمل مزيداً من الأهمية.وتعد البساطة التي يتميز بها فيلم "سعيد أفندي"، عنصر قوة وتميز آخر له، إذ يصور قصة بسيطة عن معلم مدرسة اسمه "سعيد أفندي" يضطر لاستئجار منزل في حي شعبي، لكنه يجد نفسه أمام تحدٍ غير متوقع عندما تتوتر علاقته بجيرانه بسبب شجارات الأطفال.وفي تلك القصة البسيطة المقتبسة من رواية "شجار" للكاتب العراقي "إدمون صبري"، تظهر منازل البغداديين وأزياؤهم في حقبة الخمسينيات، لا سيما "السدارة" البغدادية التي يضعها الرجال على رؤوسهم، والمفردات التي كانت شائعة الاستخدام بجانب نمط الحياة الاجتماعي السائد.
وشكل الفيلم في حينه تجربة ومغامرة للمخرج كاميران حسني، القادم من الولايات المتحدة الأمريكية بعد نيله شهادة الماجستير في الإخراج السينمائي، لكنه نجح فيها عندما عرض فيلمه في العراق وخارجه تاركاً أصداءً إيجابية كثيرة.لكن الفيلم بدأ رحلة نجاح جديدة في غياب مخرجه وممثليه، عندما أعيد ترميمه ليظهر بجودة عالية، ويعرض في أهم مهرجان سيمائي دولي، تزين جدرانه بوسترات للفيلم، يظهر عليها الفنان العراقي الرحل يوسف العاني الذي جسد دور البطولة في شخصية "سعيد أفندي".