يصعب تصنيف كيليان مورفي: أهو النجم الحاصل على الأوسكار، أم الرجل الذي تفجرت موهبته عالميًا متأخرًا، أم الفنان الهادئ الذي يفضل حياة رتيبة في قريته الأيرلندية على صخب لوس أنجلوس؟ وُلد كيليان مورفي في أيرلندا، لكنه قضى نحو 15 عاما في لندن قبل أن يعود إلى بلاده منذ سنوات قليلة، محققًا خلال هذه الفترة نجاحًا لم يتوقعه هو شخصيًا، وجائزة أوسكار، وأدوارًا متنوعة إلى درجة فائقة.
فيحتار المتفرج: أهو أمام رجل العصابات الشرس، أم بائع الفحم الأيرلندي الهادئ الذي يخشى نبذ جيرانه؟
وُلد كيليان مورفي لعائلة متواضعة من المعلمين في ضاحية دوغلاس بمدينة كورك الأيرلندية، فوالدته درست اللغة الفرنسية، بينما عمل والده أيضًا في التعليم، وكان كل من جده وخالاته وأعمامه امتهنوا كذلك التدريس.
تعلم كيليان الصغير في مدرسة خاصة للبنين، ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة كورك، أو على الأقل حاول دراسة القانون، إذ فشل في اختباره الأول، فهو -بحسب كلماته- "لم يمتلك الطموح للقيام بذلك".
غير أنه في الـ19 من عمره ترك الدراسة الجامعية ليبدأ مسيرته المهنية كممثل في مسرحية "ديسكو بيغز" (Disco Pigs)، حيث لعب دور دارين أمام الممثلة الشابة إيلين كاسيدي في دور سينيد، شاب وشابة من كورك واقعان في شباك علاقة محتدمة المشاعر وغير صحية في الوقت ذاته.
كان كيليان قبل هذه المسرحية يحلم بمسيرة صاخبة كمغني روك، لكن نجاح "ديسكو بيغز" قلب مساره بالكامل، فقد لاقت المسرحية رواجًا كبيرًا، الأمر الذي دفعه للتفكير بمستقبل مختلف كممثل محترف.
كان من المقرر أن تُعرض "ديسكو بيغز" في كورك لـ3 أسابيع فقط، لكن النجاح الكبير حول هذا العرض المحدود إلى جولة امتدت لعامين كاملين جابت خلالها المسرحية أوروبا وكندا وأستراليا.
وخلال تلك الفترة ترك مورفي الجامعة، وابتعد عن فرقته الموسيقية، رغم أنه كان ينوي العودة يومًا ما إلى العزف.
وربما ظن البعض أن الأوسكار والنجاح الهوليودي سيدفعان الممثل الأيرلندي إلى الانغماس في أجواء النجومية الصاخبة، لكنه اختار مسارًا معاكسًا، ففي فبراير/شباط 2024 أسس، إلى جانب آلان مولوني، شركة الإنتاج المستقلة "بيغ ثينغز فيلمز" (Big Things Films)، في خطوة عكست رغبته في خوض مجال صناعة السينما بشكل مختلف.
وقد جمع بين الإنتاج والتمثيل في الدراما التاريخية "أشياء صغيرة كهذه" (Small Things like These)، الذي عُرض في الدورة الـ74 من مهرجان برلين السينمائي الدولي، وتناول قصة محلية تدور أحداثها في الريف الأيرلندي حول رجل يواجه اختبارًا أخلاقيًا غير متوقع.كما يستعد مورفي للعودة مجددًا إلى شخصية توماس شيلبي في فيلم "الرجل الخالد" (The Immortal Man)، الذي سيشكل امتدادًا لأحداث المسلسل، مانحًا الجمهور فرصة للغوص مرة أخرى في عالم العصابة الأشهر وصراعاتها المعقدة.